الشارع لنا

اذكروا هذا التاريخ جيداً. السابع والعشرين ن شهر شباط، عندما أعاد الأساتذة وموظفي القطاع العام البوصلة إلى مسارها الصحيح. ليس  الأمر مجرد حنين لماضي جميل، بل يتعداه إلى صورة مشرقة في الأيام السوداء التي نعيشها. في عز الخطاب المذهبي، حيث بات المشروع الأرثوذكسي، عنواناً لفريق سياسي بكامله، خرج هؤلاء ليقولوا بصوت واحد: نحن الطبقة الوسطى في هذا البلد، ونريد إعادة الاعتبار لهذه الطبقة. نحن أبناء الريف المدينة، من مختلف بقاع هذا البلد الصغير، وجدنال قاسماً مشتركاً في ما بيننا. قاسم، يجعل من هذه الطبقة السياسيّة، بمختلف قواها خصماً واضح المعالم. خرجت هذه الطبقة لتصرخ في وجه نجيب ميقاتي، كونه ناطقاً وممثلا لهذه الطبقة السياسيّة. ولم ينسَ المتظاهرون أن نجيب ميقاتي يُمثل طبقة التجار وأصحاب المصارف. فكان الشعار صائباً ومباشراً يخرج من أفواه أساتذة التعليم المهني: يا بيروت بدنا التار، من ميقاني ومن القصار (والمقصود هو عدنان القصار كرمز من رموز أصحاب المصارف).

في لحظة اقترابنا من تقسيم البلد على أساس المذاهب والملل، خرج أساتذتنا، ليعيدوا رسم الانقسام؛ إنه بين طبقات هذا البلد. بين مستغلٍ ومُستغلّ. كانت أحاديثهم واضحة: لم تعد السلسة هاجسنا الوحيد. إنه البلد، من يُديره ومن يستفيد من خيراته. ليس النقاش حول العدد، بل هو مع هذه القوى التي ظنت أنها تملك الجمهور. هكذا، كانت الرسالة واضحة إلى المؤسسات الدينية التي أصرت على فتح مدارسها. كانت الرسالة واضحة، لمن قرر دعم خيار نجيب ميقاتي، من حزب الله إلى تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل وغيرها. كان المشهد رائعاً. أعاد لبنان إلى زمن الربيع العربي. وأعادنا، نحن المهزومين، إلى الشارع.ImageImage

اليوم الأساتذة والموظفين، وغداً سائقو السيارات العمومية وبعدهم موظفي المصارف. إنه زمن سيعود جميلاً يوماً. هكذا سيبقى الحلم طريقنا الوحيد للاستمرار في الحياة

خريطة طريق: عروسين إلى قبرص

Image

يُردّد كثيرون أن قبرص بلد سياحي مكلف، وهذا غير صحيح. ويتصوّر البعض أن الزواج مدنياً هناك معقّد يحتاج إلى أن تُنظّمه وكالات السفر، وهذا غير صحيح أيضاً. نحن تزوّجنا هناك، واكتشفنا أن الأمر أسهل وأكثر متعة وأقلّ كلفةً مما كنّا نتوقّع. وما يُساعد على هذا، استعداد القبارصة لأن يكونوا أدلّاء في أيّ لحظة.

في اللحظة الأولى التي قرّرنا فيها أن يكون زواجنا مدنيّاً، كان السؤال البديهي: «هل أنتما من دينَيْن مختلفيْن؟». سؤال بريء لدى بعض السائلين، الذين يُريدون منه توجيه رسالةٍ ضمنيّة بعدم التوّرط في هذا «العذاب». لكن البعض الآخر من هؤلاء السائلين، كان يرغب من سؤاله معرفة الانتماء الديني لشخصيْن لا يدلّ اسماهما مباشرةً على انتمائها الديني والمذهبي. لكنّ أزعج ما في السؤال، هو إلغاء حقّنا، في اختيار أي قانون سيحكم حياتنا الزوجيّة، ما دمنا قادرين على الزواج دينيّاً. هو إلغاء ينبثق من رغبة دفينة عند الكثيرين بالإذعان للقوالب التي أوجدها المجتمع دون الحق في إدخال أي تعديل عليها، حتى لو لم يتجاوز التعديل كونه تعديلاً على المستوى الشخصي.

على أي حال، تطلّب المشروع قبل كلّ شيء جهداً لتذليل اعتراضات الأهل. منطق ضمان الحقوق للزوجة، ومنع تعدّد الزوجات هو المدخل الأساسي لإقناع أهل رلى. اضطررت في لحظات إلى تصوير نفسي، كشخص يُفترض ضبطه وتكبيله ليكون «زوجاً صالحاً».
انتهى البند الأوّل من المشوار. قُبلت الفكرة على مضض. طيب، أين الزواج؟ في قبرص؟ في تركيا؟ في لبنان؟
برزت فكرة الزواج مدنيّاً في لبنان. بدأ العمل عليها. لقاء مع السيدة أوغاريت يونان، تزوّدنا خلاله بدراسة قانونيّة للنائب غسان مخيبر عن إمكان عقد هذا الزواج في بيروت، اعتماداً على «قانون العائلة» الصادر أيّام السلطنة العثمانيّة. لكن في النصوص القانونيّة اللبنانيّة نصّ آخر، يعترف بالزواج المدني شرط عدم حصوله فوق الأراضي اللبنانيّة.
باءت المحاولة بالفشل. قرّ الرأي على الزواج خارج لبنان. في المفاضلة بين تركيا وقبرص، ربحت قبرص لسببين: الأوّل ضرورة الذهاب من إسطنبول إلى أنقرة لتصديق معاملات الزواج، وهو ما سيُصعّب الأمر ويزيد كلفته الماليّة. والثاني، هو كتاب للقاضي جون القزي يُقارن فيه بين عدّة قوانين للزواج المدني، ويُفهم منه أن القانون القبرصي هو الأمثل، أو هو الأقرب لما في أذهاننا عن الزواج المدني.
يبدأ الاستعداد للسفر إلى قبرص. يكاد المرء يضيع في غابة العروض التي تُقدّمها له وكالات السفر للزواج مدنيّاً في قبرص. وعند التمعّن يخرج المرء مقتنعاً بأنه ليس منها واحد مناسب مالياً.
على من يُخطط للزواج في قبرص دراسة العروض تفصيليّاً، لا الاكتفاء بعبارة «تزوّج في قبرص بهذا المبلغ أو ذاك»، وخصوصاً إذا كانت الرحلة مقتصرة على المبيت يوماً واحداً في هذه الجزيرة الجميلة. كذلك يجب التأكّد من شمول العرض رسوم البلديّة.
بالنسبة إلينا، أخذتنا الحيرة في البداية. سمعنا الكثير من النصائح، لكن الخطوة الأهم كانت الاتصال ببلديّة نيقوسيا مباشرةً بعدما أبلغتنا وكالة السفريّات، التي حجزنا من خلالها الفندق، أن كلفة تنظيم الزواج، أي الحصول على موعد من البلديّة، ستكون 500 يورو، أي ما يوازي مليون ليرة لبنانيّة، وهذا لا يتضمّن رسوم البلديّة.
اتصلنا ببلديّة قبرص على الرقم 00357227972238، بموظّفة تُدعى يوتا حدّدت موعداً، وغُيِّر الموعد عبر المراسلة على البريد الإلكتروني CivilMarriages@nicosiamunicipality.org.cyليتبيّن أن الموضوع أسهل ممّا يتوقّع المرء، وبلا كلفة. كذلك ذكرت الموظّفة في واحدةٍ من رسائلها رسوم الزواج، وهي على النحو الآتي: 280 يورو لتسجيل الزواج، 14 يورو للحصول على صورة مصدّقة من البلديّة عن وثيقة الزواج، إذ من المفترض أن يحتفظ الزوجان بالوثيقة الأصليّة. وهكذا حُدِّد الموعد في البلديّة من دون أي كلفة ماليّة بدل دفع الـ500 يورو.
وصلنا إلى قبرص مساء الأحد. لم نكن نعرف كيف سنذهب إلى نيقوسيا. سألنا سائق الأجرة (الذي نقلنا من مطار لارنكا إلى الفندق) عن كلفة الذهاب إلى نيقوسيا وإتمام معاملات الزواج والعودة إلى لارنكا. أجرى الرجل عدّة اتصالات ليُبلغنا أن الكلفة هي 100 يورو ذهاباً وإياباً، إضافة إلى عشرة يورو بدل كلّ ساعة انتظار. ولحظة وصلنا إلى الفندق، سألنا الموظفين هناك عن الموضوع عينه. جاء جوابهم سريعاً: يأخذكم السائق من أمام باب الفندق إلى بلديّة نيقوسيا، وبعدها إلى الدوائر المطلوب تصديق المعاملات فيها، بالإضافة إلى جولة سياحيّة في المدينة ثم يعود إلى الفندق بكلفة 120 يورو، «ولكن لماذا في نيقوسيا؟ لدينا بلديّة في لارنكا» يسأل الموظفون باستياء. وهكذا كان، اعتمدنا خيار الفندق.
انطلقنا باكراً، احتياطاً لازدحام السيّر، لكنه لم يكن بهذا السوء. لذلك، وصلنا إلى البلديّة قبل الموعد المحدّد. ملأنا الأوراق اللازمة خلال عشر دقائق، ودُفع المبلغ في المصرف القبرصي المقابل للبلديّة ودخلنا القاعة حيث كان في انتظارنا القاضي نيكوس، وهو الذي سيعقد قراننا. قرأ علينا التزامات أحدنا تجاه الآخر، ثم وقعنا الوثائق وحصلنا على النسخة المصدّقة من البلديّة. احتاجت هذه العمليّة كلها إلى نحو نصف ساعة. توجهنا إلى وزارة الخارجيّة القبرصيّة التي تبعد مئات الأمتار عن البلديّة. لا يحتاج المرء إلّا إلى مبلغ يقلّ عن 2 يورو لتصديق كلّ ورقة في وزارة الخارجيّة، ولا ينتظر إلّا دقائق معدودة. بعدها توجهنا إلى السفارة اللبنانيّة، التي تقع في المنطقة عينها. هناك يطول الانتظار، وتحضر فوراً صورة الإدارات الرسميّة اللبنانيّة. نملأ الأوراق. ندفع 16 يورو. لا يحتاج الزوجان إلى أن يترجما الأوراق الصادرة عن بلديّة نيقوسيا، إذ إن تسجيل الزواج في لبنان يجري عبر السفارة اللبنانيّة التي تُرسل بدورها الملف إلى وزارة الداخليّة في بيروت. بعدما انتهينا من السفارة اللبنانيّة، جلنا في عاصمة قبرص، وزرنا الجانب التركي من المدينة. لا تتبدّل الصورة كثيراً في الشارع التجاري للجزء التركي من نيقوسيا؛ سوى أن الليرة التركيّة تُصبح متداولة، فضلاً عن وجود تماثيل للزعيم التركي كمال أتاتورك. في الجزأين القبرصيين، اليوناني والتركي، انتشار لجيشي البلدين منذ عام 1974. تفصل بين المنطقتين قوّات دوليّة. لكن الزائر لا يُلاحظ هذا الوجود إلّا عند البحث عنه. كذلك إن العديد من القبارصة اليونانيين لا يُحمّلون القبارصة الأتراك مسؤوليّة ما حصل، بل الولايات المتحدة في الدرجة الأولى، ثم تركيا.
هكذا، كانت كلفة الزواج مع النقل 465 يورو، بدل دفع مبلغ يصل إلى نحو 1000 يورو. ومن يُراقب إعلانات وكالات السفر، يظهر أن معظم العروض التي تتضمّن منامة ليوم واحد إلى جانب إتمام إجراءات الزواج لا تقل عن 2000 دولار أميركي. بينما كانت الكلفة بالنسبة إلينا على النحو الآتي: 400 دولار بدل السفر، و95 يورو بدل غرفة في فندق أربع نجوم ونصف إلى جانب 465 يورو كلفة الزواج، ما يعني 1225 دولاراً لا أكثر.
ويُمكن الراغب أن يعتمد على وسائل النقل العام المتوافرة على نحو منظّم، بحيث تنخفض كلفة النقل من 120 يورو للشخصين إلى حدود 15 يورو، بكلّ بساطة.
قد يظن واحدنا أن كلفة المعيشة في الجزيرة مرتفعة جداً. وللنظرة الأولى هي مرتفعة. لكن لحظة فهم منظومة النقل العام، يتبيّن أن الكلفة أقلّ كثيراً من التنقّل داخل لبنان. فالكلفة الأساسيّة للسياحة في قبرص هي النقل، إذ إن أسعار سيّارات الأجرة الخاصّة مرتفعة جداً، مثل أي دولة أوروبيّة. لكن النقل العام متوافر على شكل باصات مكيّفة ولديها خط سير واضح ومنتظم، يصل من خلاله المرء إلى أي شبرٍ من الجزيرة. إلى جانب الباص، هناك ما يُسمّى في قبرص Taxi Service، وهو يُشبه سيّارات الأجرة في لبنان، أي التشارك مع زبائن آخرين في سيّارةٍ واحدة. وتعمل هذه المنظومة بنحو رئيسي بين المدن، لا داخل المدينة الواحدة.
أمّا كلفة الاتصالات فهي متدنيّة جداً. ويُمكن شراء رقم قبرصي بقيمة 12.5 يورو، وهو سيسمح بنحو 30 دقيقة اتصال دوليّة، إضافةً إلى عشرات الاتصالات داخل قبرص والرسائل النصيّة داخلاً وخارجاً في هذا البلد الذي انضمّ إلى الاتحاد الأوروبي منذ عام 2004.
بمقارنة أسعار الأكل والمشرب في كلّ من لبنان وقبرص، يظهر أن التكلفة في لبنان تكاد تكون أغلى بنسبةٍ بسيطة. لكن المميّز أن جميع المطاعم والمقاهي تضع لائحة الأسعار الخاصّة بها أمام مدخلها وباللغتيْن اليونانيّة والإنكليزيّة.
يسأل كثيرون عن أسعار الفنادق. في قبرص، كما في أي دولة في العالم، فنادق متعددة النجوم. ولكن حذار! عندما يُخبرك أحد أن هذا الفندق أو ذاك يملك شاطئاً، فهو يبيعك كلاماً في الهواء. في قبرص كلّ الشواطئ شواطئ «سان بلاش». ويُمكن أي سائحٍ أو مواطنٍ أن يتمدّد إلى جانبك على الشاطئ عينه، وأنت تظنّ أنك تملك امتيازاً عن غيرك دفعت ثمنه. الشواطئ في قبرص كلها ملكٌ عام. والملك العام لا يحق لأحد مصادرته. وعند التوجه إلى شاطئ، يدفع الزائر 2 أو 3 يورو ليستأجر شمسيّة وكرسياً والشواطئ، بالمناسبة، نظيفة جداً.
من هنا، لا ميزة لفندق على آخر إلّا بالسعة والترف، مثل وجود ملاعب للتنس وللسكواش في الفنادق الفخمة ومراكز تجميل وعناية بالبشرة وغيرها من الخدمات الإضافيّة، مما لا يتوافر بالمجان. ويمكن الحصول على غرفة لشخصين في فندق جيّد بلارنكا لجهة معايير الخدمة والنظافة بمبلغ 50 يورو.
الغالبيّة تعرف عن مميزات الشواطئ القبرصيّة. تتردّد على شفاههم أسماء ليماسول ولارنكا وأيانابا وبافوس مدناً لا بد من زيارتها؛ لأنها تحوي شواطئ جميلة. بالطبع لكلّ مدينة من هذه طابعها وشاطئها، لكن يُمكن القول إن هناك قواسم مشتركة كثيرة بينها. في لارنكا، الشاطئ رمليٌ وجميل، لكن للأمانة، إن شاطئ مدينة صور الرملي يُعدّ أفضل من شاطئ لارنكا.
ما لا يُذكر عادةً على ألسن السيّاح اللبنانيين ووكالات السياحة والسفر اللبنانيّة هو أماكن أخرى يُفترض زيارتها. البداية تكون مع أعلى نقطة في الجزيرة، وهي بارتفاع 2000 متر عن سطح البحر. تُسمّى هذه المنطقة «ترودوس» (Trodoos)، حيث يُمكن زيارة غابة الأرز الكبيرة هناك مشياً أو بالدراجات الهوائيّة المخصصة للجبال أو على الأحصنة والحمير. وعلى المرء أن يتزوّد بملابس شتويّة عند زيارته هذه المنطقة بسبب إمكان هطل الأمطار حتى في فصل الصيف، ومن المفيد متابعة الأرصاد الجويّة قبل زيارتها.
يحوي هذا الجبل العديد من القرى القديمة يُمكن فيها مشاهدة البيوت القبرصيّة القديمة الوادعة في حضن الجبل. ويُمكن الوصول إليها عبر ركوب الباص من العاصمة نيقوسيا. عندما أردنا زيارتها، وكنّا موجودين في لارنكا، قيل لنا إن الكلفة 250 يورو. لكن التوجّه بالنقل العام ــــ ولم نكن قد أمضينا في قبرص سوى ثلاثة أيّام ــــ أتاح لنا زيارة بلدة صغيرة تُدعى كابوبتريا، حيث فيها صخرة معلّقة (تقول الأسطورة في قبرص إن عروسين وقعت عليهما هذه الصخرة وقتلتهما قبل مئات السنين، ومن حينها يُقيم عرسان المنطقة مراسم الزواج عند هذه الصخرة لمباركتهم)؛ وتوجهنا من هذه البلدة إلى ترودوس وعدنا إلى لارنكا عبر نيقوسيا بكلفةٍ لم تتجاوز خمسة وأربعين يورو.
كذلك يجب زيارة الكنائس الملوّنة، وهي عشر، موجودة في جبل ترودوس وتعود إلى العهد البيزنطي، وقد صنفتها الأونيسكو من التراث العالمي. تنتشر هذه الكنائس بين غيرها من الكنائس المتشابهة في الشكل الخارجي، لكن لحظة دخول كل واحدة من الكنائس العشر يدخل المرء إلى عالم آخر. فمهمّة الرسوم كانت تصوير حياة المسيح وشرح الإنجيل لأهالي المنطقة في العهد البيزنطي، على طريقة الرسوم التصويريّة، لأن الأهالي كانوا في معظمهم أميين. وقد نجت هذه الكنائس من «البطش العثماني» كما يقول القبارصة، بسبب وجودها في أعالي الجبال.
أمّا «Gorge Avakas»، وهي عبارة عن شقوق كبيرة في الجبال بمنطقة أكامس في شمال بافوس، فلا مفرّ للوصول إليها من تسلّقها عبر ممر مائي ضيّق إلى الهضاب التي تحوي هذه الشقوق. وهي منطقة موحشة، لذا من الأفضل زيارتها نهاراً. وفي المنطقة عينها يقع رأس أكامس، وهو أرض لا تزال عذراء ولا مسابح فيها، فهي لا تزال على طبيعتها.


افعل

ــ اشرب البيرة القبرصيّة Ceo، لا الأنواع المستوردة، لطعمها اللذيذ ولأنها تُعطي عنك لمضيفك انطباعاً جيداً.
ــ تناول الطعام القبرصي التقليدي، وخصوصاً الـ Tavas والـ Mousaka.
ــ الابتسامة كافية لتسهيل الكثير من الأمور، فالقبارصة ودودون جداً.
ــ مارس الألعاب البحريّة المنتشرة بكثافة بأسعار متدنيّة.
ــ صدّقْ أحوال الطقس القبرصيّة.
ــ قم بزيارة العاصمة نيقوسيا والانتقال منها إلى قبرص التركيّة.
ــ اسأل قدر الإمكان، فالناس هناك مستعدون للمساعدة.
ــ التنقّل بسيّارة مستأجرة أمر سهل بسبب كثافة انتشار اللافتات التوضيحيّة.
ـ ثق بسائقي الأجرة وبنصائحهم، وخصوصاً عندما يُشيرون عليك بتأجيل موعد الزيارة إلى مكان ما، لكن لا تقبل إلّا بتشغيل العداد في السيّارة.
ــ تحقق من المواقع الإلكترونيّة الرسميّة التابعة للهيئات السياحيّة قبل الذهاب إلى قبرص، لأن هناك العديد من المهرجانات الصيفيّة.

لا تفعل

ــ لا تطلب قهوة تركيّة. عندهم هي قهوة قبرصيّة، رغم أننا نعرفها بالتركيّة. وإذا طلبت القهوة القبرصيّة على سبيل التجربة، وتبيّن لك أنها تركيّة، فلا تُشر للأمر أمام القبارصة؛ لأن ذلك سيجلب لك التأنيب.
ــ لا تقم بأي حجز مسبق للتاكسي من المطار إلى الفندق وبالعكس، فهو أغلى، وقد تقبع في المطار أو في الفندق بانتظار سائق لن يظهر.
ــ لا تنسَ وضع إشارة «عدم الإزعاج» خارج الغرفة؛ لأن غيابها يعني أن موظفي خدمة الغرف يقفزون إلى الغرفة بعد نقرةٍ واحدة على الباب.
ــ احذر العنصريّة المتزايدة تجاه العرب والأفارقة. والعنصريّة تجاه العرب نشأت بسبب وجود تكاثر من اللاجئين من العراق، فلسطينيين وعراقيين.
ــ الدوام الرسمي يومي الأربعاء والسبت هو نصف دوام في جميع الدوائر الرسميّة والصيدليّات.
ـ احذر الإسرائيليين المنتشرين في الجزيرة، والراغبين في محاورتك إذا اكتشفوا أنك لبناني.

• نشر في جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ ١١ حزيران ٢٠١١

الزواج المدني على مقصلة “الأديان”

لم يترك رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان هذه الفرصة تمرّ من دون أن يُعلّق عليها. الزواج المدني، يستهدف جمهوراً شبابياً، يرغب في الخروج من زواريب المذهبية في هذا البلد. أرقام السفارة القبرصيّة، تشير إلى وجود أعداد ليست قليلة ممن يقدمون على السفر إلى الجزيرة للزواج مدنياً.هكذا، بعد أيّامٍ على إعلان شابين لبنانيين الزواج مدنياً في لبنان استناداً إلى قانون فرنسي، لم يصدر قانون يلغي مفعوله، أعلن سليمان عبر التويتر والفايسبوك تأييده هذه الخطوة، كاتباً: “يجب أن نعمل على قوننة عقد الزواج المدني. فهي خطوة من خطوات إلغاء الطائفية وتعزيز العيش المشترك”.

عبارة سليمان كانت كفيلة بفتح نقاشٍ حول قانون الزواج المدني. نقاش لا يبدو أن الجميع جاهز له، بل إن طرح سليمان كان مفاجئاً للسياسيين ورجال الدين والناشطين المدنيين على السواء. وقد سبقه عليه الرئيس الراحل الياس الهراوي، الذي ضغط على مجلس الوزراء لإقرار مشروع قانون، رفض آنذاك الراحل رفيق الحريري إحالته على مجلس النواب، ليموت في درج رئاسة مجلس الوزراء. (الضغط من المفتي كان كبيراً، وهُدد رفيق الحريري يومها).

لا يختلف واقع الحال اليوم، عن الأمس. إذ لا يتوقع أحد المقربين من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، موافقته على مشروع كهذا مشيراً إلى أن معرفته الشديدة به تسمح له بقول هذا “إذ إن ميقاتي بغنى عن إشعال الإسلاميين أكثر”، لكنه يشير إلى أنه لم يناقش الأمر مع ميقاتي.
هذا ما يكرره عدد من مستشاري رئيس الحكومة، “الملف جديد ولم يجر نقاشه سابقاً، بانتظار عودة ميقاتي من السعودية”. لكن مقربا آخر من ميقاتي يقول بوضوح: “ما لم يقدر عليه رفيق الحريري يوم كان في عزّ قوته، لن يستطيع ميقاتي القيام به، وهو يستعين بالعكاز لابقاء حكومته واقفة”.

في ذلك الحين، تحالفت المرجعيات الدينية في رفض هذا الاقتراح. اليوم هناك خرق في هذا الاجماع يمثّله البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي أعلن تأييده، لقانون مدني للأحوال الشخصية. في الوقت عينه، فإن رئيس مجلس النواب، جاهر بتأييده لقانون كهذا، وهو وعد وفداً من شبابياً من جمعية “شمل” في آذار ٢٠١١ بأن يُحيل اقتراحهم إلى اللجان المشتركة، وقد فعل هذا، إذ تقول أوغاريت يونان، أن المشروع المقدم حينها وضع في أسفل جدول الأعمال، واليوم لم يعد أمامه إلا عددا قليلا من المشاريع لذلك لا بد من دراسته قريباً.

موقف سليمان، ترافق مع تأييد مشترك من وزيري العدل والداخلية لموضوع الزواج المدني، رغم رفض هيئة الاستشارات في وزارة العدل الموافقة على زواج خلود سكرية ونضال درويش الذي جرى في لبنان. يُبرر وزير الداخليّة الأمر بأن لا وجود لقانون لبناني ينظم عملية الزواج، لذلك هو طالب بإقرار قانون كهذا .

لكن موقف المرجعيتين الاسلاميتين الشيعية والسنية لا يزال على حاله. وهو كفيل بتكبيل أي مشروع جديد. إذ يؤكّد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى لا يزال رافضاً، لأن الأمر شرعي وليس سياسيا. موقف مدير عام الاوقاف الاسلامية الشيخ هشام خليفة مشابه أيضاً، هو يؤكّد أن الأمر مرفوض شرعاً وأنه خطر. يضيف: البحث يجب أن يكون هادئاً، والقوانين تسمح لمن يريد الزواج في قبرص. يقول: الموضوع ينقسم إلى شقين: الأول مدى تعارض القانون مع الدستور اللبناني وحقوق الطوائف، والثاني هو مشكلة بعض اللبنانيين، التي يجب بحثها بهدوء ومن دون تحد. ويلفت إلى أن طرح القانون المدني مجدداً سيواجه بحملة من المسلمين ورجال الدين والمحاكم الشرعية، “لأن الأصل هو الزواج الشرعي وهو بسيط جداً”.

سياسياً أيضاً، جدد النائب وليد جنبلاط تأييده للزواج المدني، فيما قال النائب في كتلة المستقبل عمار حوري أن لا موقف لكتلته من هذا الطرح، وأنها ستعيد نقاش الأمر عند طرح مشروع القانون على اللجان المشتركة. أما التيار الوطني الحرّ فيعلن على لسان النائب نبيل نقولا تأييده للزواج المدني.

شمل” متمسكة بمشروعها

في موازاة النقاش السياسي، الذي ليس من السهل اكتشاف الموقف الصادق من الموقف المعد للاستهلاك؛ فإن جمعية “شمل” وحلفاءها من جمعيات مدنية وشخصيات مستمرون في موقفهم الداعم لمشروع الذي قدم في آذار ٢٠١١ إلى مجلس النواب  (http://lkdg.org/ar/node/5230). وتقول أوغاريت يونان إن الخطوة التي قام بها خلود ونضال تُعد خطوة مهمة في إطار رفض القبول بالنظام الطائفي؛ وجريئة تساهم بتحريك النقاش حول الزواج المدني.
لكن يونان، تشير إلى أنها لم تعرف بعد على أي نص قانوني سيستند هذا الزواج، بالمعنى التنفيذي وليس الحق بعقد الزواج. لذلك هي تتفهم موقف وزير الداخلية مروان شربل. كما أنها تؤكّد أن حق الزواج المدني يجب أن يكون مكفولاً من دون شرط شطب المذهب عن الهوية، ويضمنه قانون لبناني.
وتقول يونان إن رئيس الجهورية ميشال سليمان أكّد منذ أن التقته “شمل” للمرة الأولى تأييده للزواج المدني، “لكن لم تهتم وسائل الاعلام بتصريحه حينها”. وتشير إلى أنه طلب من الشباب حينها أن “يولّعها” على وسائل التواصل الحديثة لأن هذا حق لهم؛ من هنا لم تتفاجأ يونان، ولا أعضاء شمل، كما يقول طوني داوود من تصريح سليمان.
ويقول داوود إن موقف سليمان يحظى بدعم شعبي، لكن لا سلطات فعلية للرئيس. ويؤكّد أن الحملة مستمرة بالضغط الذي بات يُثمر تغييراً إيجابياً لدى الرأي العام. وتضم الحملة الوطنية لإقرار قانون مدني للأحوال الشخصية عشرات الجمعيات والناشطين، منها الجمعية الوطنية لديمقراطية الانتخابات، ونسوية، وحزب البيئة وحزب الخضر وعدد من الجمعيات النسائية والشبابية، لكن الدور الأساسي هو لشمل.

 نشر في الأعداد التجريبية من جريدة المدن الالكترونية ♦

ملف الموقوفين كاد ان يفجر طرابلس

Image 

توالت اتصالات الاطمئنان على الوزير فيصل كرامي. فموكبه تعرّض لإطلاق نار وجرح أربعة من مرافقيه. اطلاق النار تحول إلى محاولة اغتيال، بحسب عدد من وسائل الاعلام. اتهم السلفيون بمحاولة الاغتيال هذه، لأنهم يقيمون اعتصاماً في ساحة عبد الحميد كرامي للمطالبة بحل قضية الموقوفين الاسلاميين.

مرت الدقائق، واتصالات التهنئة تتزايد. رئيس الجمهورية اطمأن وكذلك رئيس مجلس النواب، والرئيس فؤاد السنيورة، أما رئيس الحكومة فلم يكتف بالاطمئنان وحسب، بل دعا مجلس الامن الفرعي للانعقاد. قال كرامي أنه تعرض لمحاولة إغتيال، ثم قال بعد دقائق أنه لم يتعرض لها. بيان مكتبه الاعلامي لا يشير إلى محاولة اغتيال. الرئيس عمر كرامي حمد الله على سلامة نجله وقال إن الحادث غلطة، وأنه لن يتهم أحداً. وعُلم أن وفداً من المشايخ السلفيين زار كرامي بعد الحادث بساعتين لتبادل المعلومات وتوضيح الامور وإعادة العلاقة إلى طبيعتها بين الجانبين.

بعد ساعتين من الحادث يُعلن عن وفاة أحد الجرحى. إنه سلفيٌ. كذلك ثلاثة من الجرحى. يُعلن السلفيون الانسحاب من الشارع، وبحسب الشيخ نبيل رحيم: “ننسحب حتى لا تتطور الامور سلبا، خصوصاً إذا حاول بعض الشباب الانتقام للشاب المتوفي”، وقد تبيّن أن الشاب لم يتوفى بل في حالة خطرة. ويضيف الشيخ إن موكب يضم حسام الصباغ وسعد المصري وزياد علوكة وآخرين من مسؤولي المجموعات في باب التبانة قد تعرض لاطلاق نار من طرف ثالث.

الروايتان تتفقان عند نقطة واحدة: هناك من أطلق النار. هل هو طرف ثالث؟ لا أحد يُقدم معلومة مثبتة. الأكيد أنه منذ الاعلان عن الاعتصام وإقامة صلاة الجمعة في ساحة عبد الحميد كرامي للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين، وهناك من يرمي قنابل على شارع سوريا. هناك من سعى لإعادة تحريك جبهة جبل محسن ــ باب التبانة.

قبل بدء الاعتصام، كان الاسلاميون يأكدون على سلمية تحركهم. قبل ذلك بأسبوعين، دعوا إلى لقاء في نادي الصحافة لشرح قضيتهم. لم تقم وسائل الاعلام بتغطية هذا اللقاء. ربح الجناح القائل بأن لا أحد يهتم للإسلاميين ولقضيتهم إلا إذا عادوا إلى الشارع. العديد من المشايخ كان يريد الهروب من لعبة الشارع. أرادوا حلاً قضائياً لقضية محقة.

في الاعتصام قال الشيخ سالم الرافعي الكثير عن الظلم الذين يتعرضون له. تحدّث عن عمليات التوقيف وعن تراخي القضاء وعن عدم التعويض عن الاضرار التي نتجت عن الاشتباكات. قال إن السبب هو عدم إلتحاق الاسلاميين بالمحور الايراني-السوري، وعن تقديم هذا الملف لارضاء الاميركيين. ودافع الرافعي عن حسام الصباغ الذي تقول وسائل إعلامية أنه جزء من تنظيم ويتولى إرسال المقاتلين إلى سوريا، وهو ما ينفيه الاسلاميون. وقال إن الاسلاميين يريدون شراكة حقيقية في الوطن قائمة على العدل والانصاف ويمدون أيديهم للجميع، “لكن إذا استمروا في سياسة التفقير وزج شبابنا في السجن فسنعلنها انتفاضة شعبية”.

في المبدأ يُكرر الاسلاميون مظلوميتهم. يشرحون ملف الموقوفين كالتالي: أوقف هؤلاء منذ العام ٢٠٠٧، أي منذ ست سنوات، ما يعني سبع سنوات سجنيّة. لم توجه لهم رسمياً حتى اللحظة أي تهمة، حتى القرار الاتهامي الذي نشر في الصحف لم يبلغ به الموقوفين ومحاميهم بشكل رسمي. نصف الموقوفين البالغ عددهم أكثر من ١٤٠ موقوف متهمين بالاتصال بمقاتلي فتح الاسلام. لا القتال ولا دعم مقاتلي الجيش اللبناني. بالتالي فإن أي حكم سيصدر بحقهم سيكون حكماً أقل بكثير من سنوات السجن التي قضوها. يُضيف الاسلاميون إن المشكلة بحسب القضاء كانت عدم وجود قاعة للمحاكمات تتسع لعدد الموقوفين، فبنيت قاعة في سجن رومية افتتحت منذ أكثر من أربعة أشهر ولم يجر أي شيء. رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أبلغ عدد من أهالي الموقوفين أن رئيس مجلس القضاء الأعلى الجديد، يريد الاطلاع من جديد على الملفات، وكميتها كبيرة جداً، ما يعني تأجيل إضافي للقضية.

الاعتصام في ساحة عبد الحميد كرامي كان يُطالب بحرية هؤلاء. عدم حلّ هذه المشكلة فتح الباب أمام الحادث الذي جرى مع الوزير فيصل كرامي. عدم حلّ القضايا المحقة والاستمرار في ظلم الموقوفين والتعاطي الأمني مع هكذا ملفات لا يحمل أبدا الخير لمدينة طرابلس، الذي يبدو أن هناك الكثيرون لا يريدون لها إلا أن تبقى ساحة اشتباك.

 

نشر هذا المقال في الأعداد التجريبية لجريدة المدن الاكترونية ♦ 

 

مشاهدات من ثورة فقراء ريف حلب

في اللحظة التي تطأ فيها قدم الزائر الريف السوري، يكتشف أنه دخل مكاناً مختلفاً عن ذلك الذي كان في ذهنه. في العقل صورةٌ عن الفقر. وفي العقل صورة عن الاضطهاد والظلم، وصورة عن الإصرار. لكن الصورة التي يُمكن رؤيتها فعلاً، تتجاوز كلّ التخيلات.
لون الأرض أحمر. الجواب حاضر: لا يوجد مياه لري الأرض. هذا ما يقوله أبناء ريف حلب. وهذا ما يمنعهم من العمل في أرضهم، فيتحولون عمالاً يوميين داخل سوريا وخارجها. وبحسب الأرقام الرسمية السورية الصادرة عن غرفة الصناعة في حلب، فإن 221 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في حلب مروية من أصل مليون و228 الف هكتار من الأراضي
الصالحة للزراعة، وهي ليست كلها مزروعة. وليس كل المروي مزروع. متابعة القراءة “مشاهدات من ثورة فقراء ريف حلب”