شكراً محمد رشيد قباني

لا بد من توجيه شكر لمفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني. خرج قباني اليوم علينا من دار الفتوى، بفتوى “حرم كنسي” على الطريقة الاسلامية. ممنوع غسل ودفن والصلاة على أي مسؤول مسلم يوافق على الزواج المدني. التهديد ليس جديداً، سبق وسمعناه. مورس في السابق على مهدي عامل (حسن حمدان) عندما رفض رجال دين الصلاة عليه ودفنه لانه كافر.

علام الشكر إذاً. الموقف الطبيعي هو شن الحملة على قباني. ولكن، ألم يُدرك الرجل أن هذه الحملة ستُشن عليه؟ بلى أدرك. ألم يُدرك أن النقاش حول القانون سيبقى غير جدي ولن يتحوّل إلى واقع؟ بلى أدرك. لكنه أفتى وأراد المعركة لأسباب خاصة به، فها نحن نُعطيه إياها.

كان لا بد أن يُعلن قباني موقفاً إسلامياً صريحاً، لا يختلف عليه المسلمون، وربما المسيحيون، لنتذكر أننا غير مواطنين.

كان لا بد أن نسمع هذا الكلام الذي أرعبنا، لنُدرك أننا نحن معشر الذين خرجوا من أطر الطوائف، لا وجود لنا في هذا البلد.

كان لا بد من كلام شبيه بكلام قباني، ليستفيق من كان مقتنعا من بيننا بأن طريق الطوائف تبني بلداً.

استفقنا، وإن كان لوقت. طيب فلنراجع واقعنا. لا قانون مدني لأحوالنا الشخصيّة. نصنّف في سجلات دولتنا كأرقام في المذاهب. طريق الوظيفة العامة يمرّ حكماً بهوية المذهبيّة؛ وحتى الوظيفة في القطاع الخاص. وصل الأمر إلى الهجرة والعمل في الخارج، يتعاطى هذا الخارج معنا كأولاد المذاهب.

المعركة ليست مع رجال الدين. محمد رشيد قباني وبشارة الراعي وعبد الأمير قبلان ونعيم حسن، لا يُعلنون موقفاً خاصاً بهم كأفراد، بل يُمثلون مصالح فئة ينتمون لها.

أما نحن، المحلل دماؤنا بعد خروجنا من جحيم طوائفنا. فمن نتقاطع معهم في السياسة هنا أو هناك، هم خصوم لنا في القضايا الاجتماعية. هل سمعنا موقفاً من حزب الله أو القوات اللبنانية أو تيار المستقبل مؤيداً للزواج المدني؟ لن نسمع.

الحملة يُفترض أن توجه إلى مكان آخر. إلى رئيس الجمهورية الذي يستعين بموضوع الزواج المدني ليجمع حوله بعض الرأي العام. إلى رئيس حكومة لبنان، الذي يُعلن أن الموضوع ليس للنقاش. إلى مجلس النواب، الذي تحوي أدراجه مشروع قانون للأحوال الشخصية المدنية منذ أكثر من سنة ولا يسأل عنه أحداً. هل سأل عنه نواب الحزب السوري القومي الاجتماعي؟ هم علمانيون، ألا يقولون ذلك؟ هل سأل عنه إيلي ماروني قبل أن يتزوج مدنياً خارج لبنان؟ لا لم يفعل.

مفتي الجمهورية لا يُمثل اللبنانيين، بل يُمثّل مصالح رجال الدين ومن يؤيّده من طائفته. أما النواب والوزارء فهم يُمثلون مصالح اللبنانيين. هم من يجب أن يُطالبوا بقانون مدني للزواج ومدافن مدنية تسمح لأجساد أن ترتاح بعد أن تغادرها الحياة دون أن تضطر، هي ومن نحب أن يعودوا إلى طوائفهم.

شكرا  قباني لأنك ذكرتني بأنني ولن أدفن بلدي.. فماذا ستفعل الدولة اللبنانية بنا نحن معشر المتزوجين مدنياً.

خطة لبنانية طموحة لاستضافة النازحين السوريين تعاكسها الوقائع

خطة طموحة جداً. هو التوصيف الأدق للورقة التي قدمتها الدولة اللبنانيّة لجامعة الدول العربية طالبةً دعماً بلغت قيمته مئة وثمانين مليون دولار أميركي من أجل تفعيل دورها ومساعدتها في تلبية حاجات النازحين من سورية، والذين تتزايد أعدادهم في شكلٍ يومي. هنا عرض لأبرز ما تضمنته هذه الورقة، وإن كان اللافت عدم التفكير بإقامة مخيمات واقتصار الحديث على مراكز إيواء. النقطة الثانية اللافتة، هي تحديد المبلغ الذي تكبدته الدولة منذ بدء النزوح من سورية في أيار (مايو) من العام 2011، والقيمة هي ثمانية مليارات ليرة لبنانية، أي ما يقارب خمسة ملايين دولار أميركي، ما يسحب الذرائع من الخطاب السياسي الذي يرى أن الدولة تتكبّد ما لا تتحمّله مالياً.
تشير الورقة اللبنانية إلى تزايد كبير في عدد النازحين في الأشهر الأخيرة. حوالى 133876 مسجلون حتى الرابع من كانون الثاني (يناير) 2013 لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين و51965 قاموا بالاتصال بالمفوضية في انتظار التسجيل. أي 185841 نازحاً سورياً. ويبقى النازحون الذين لم يبلّغوا عن وجودهم والقادمون الجدد. وتلفت إلى أن معظم الأسر مقيمة حالياً في شمال لبنان (51 في المئة) يليه البقاع (39 في المئة) وتتوزع النسب الأخرى بين الجنوب (4.92 في المئة) وبيروت (1.71 في المئة) وجبل لبنان (2.25 في المئة). حوالى 77 في المئة منهم من النساء والأطفال و23 في المئة من الرجال. كما يتم حالياً تسجيل حوالى 6000 شخص في الأسبوع.
وتلفت الورقة إلى أن معظم الأسر تستأجر مساكن (59.9 في المئة) أو تسكن عند الأسر (27.3 في المئة). المثير أن عدد الأسر في مراكز الإيواء الجماعية (2.4 في المئة)، ما يعني أن هذا الخيار لا يزال قليلاً بالنسبة الى الخيارات الأخرى. إذ تفضل الأسر ترك مراكز الإيواء كخيار أخير. فيما يلجأ 10.4 في المئة إلى خيارات أخرى. وتقوم المفوضية بدفع مبالغ صغيرة كبدل إيجار للأسر التي لا تملك مكاناً للإيواء.
كما أن حوالى 38 في المئة من النازحين السوريين يقعون في خانة الحاجات الخاصة بوجود ما يقارب الـ 25 في المئة من الأطفال المعرضين للخطر، و10 في المئة من الحالات الطبية الخطرة. وتتوزع النسب الباقية على المعوقين، المسنين والنساء المعرضات للخطر وغيرهم.
ووفق إحصاءات الأنروا لغاية 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، هناك ما يقارب الـ 2400 أسرة موزعة على كل الأراضي اللبنانية: الجنوب (32 في المئة)، البقاع (19 في المئة)، الشمال (14 في المئة) المناطق الأخرى (21 في المئة). 42 في المئة منهم أطفال، 29 في المئة نساء و 29 في المئة رجال، أي ما يزيد عن 10000 شخص.

خطة الحكومة
وضعت الحكومة اللبنانية خطة للاستجابة لحاجات مئتي ألف نازح سوري لمدة عامٍ واحد. ويرتكز عمل الدولة اللبنانية على خمسة قطاعات أساسية وهي: الصحة والتربية والإيواء والشؤون الاجتماعية والغذاء. وقدرت الكلفة الإجمالية للخطة بمئة وثمانين مليون دولار أميركي موزعة على الشكل الآتي:
– وزارة الشؤون الاجتماعية: 28 مليوناً ونصف مليون دولار
– وزارة التربية والتعليم العالي: 17 مليوناً و775 ألف دولار
– وزارة الصحة العامة: 75 مليوناً و130 ألف دولار
– الهيئة العليا للإغاثة: 57 مليوناً و800 ألف دولار
على أن تتولى الأونروا الاهتمام باللاجئين الفلسطينيين من سورية بكلفة تقدر بأحد عشر مليوناً و750 ألف دولار وبرنامج الغذاء العالمي ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالاهتمام بالإيواء والغذاء بكلفة تقارب 172و800 ألف دولار.
تتضمن الخطة اللبنانية توزيع المهام الإغاثية على الجهات صاحبة الاختصاص من ضمن اللجنة الوزارية المكلفة الإشراف على جهود إغاثة النازحين السوريين على الشكل الآتي:
– تتولى وزارة الشؤون الاجتماعية الاهتمام بموضوع إيواء النازحين، بعد تحديد أماكن الإيواء وقدرتها الاستيعابية، كما تتولى مهام الرعاية الصحية الأولية عبر مراكزها المنتشرة على كل الأراضي اللبنانية، بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة التي تؤمّن مستوصفاتها مثل هذه الرعاية. كما تتولى وزارة الشؤون الاجتماعية متابعة الأوضاع الاجتماعية للنازحين، ولا سيما الأطفال والنساء، مع ما يتطلبه ذلك من تأمين الدعم النفسي – الاجتماعي عند الحاجة، وحماية الأطفال المعرّضين للخطر، والمعوّقين، وتنسيق تسجيل النازحين مع مفوضية الأمم المتحدة للاجئين (UNHCR). هذا إضافة الى دعم المجتمعات المحلية التي تستضيف النازحين منعاً لانهيارها وهي أصلاً غير ميسورة.
– تتولى وزارة الصحة العامة إلى جانب الرعاية الصحية الأولية، معالجة الجرحى وتأمين الطبابة للمرضى منهم في المستشفيات الحكومية، وفق آلية خاصة تضعها الأجهزة المختصة في الوزارة.
– تتولى وزارة التربية والتعليم العالي تأمين تسجيل التلامذة في المدارس الرسمية، إضافة الى الكتب المدرسية، وتوفير الدعم المدرسي.
– تتولى الهيئة العليا للإغاثة توزيع المواد الغذائية وغير الغذائية، كما تتولى الهيئة معالجة قضايا واحتياجات اللبنانيين العائدين من سورية.
ووفق الورقة، فإن وزارة الشؤون الاجتماعية تقوم حالياً بالدور التنسيقي بين المنظمات الدولية والجهات الحكومية تسهيلاً لعملية الاستجابة للاغاثة، كما أن معظم الخدمات المقدمة حالياً هي عبر المنظمات الدولية خاصة في القطاع الطبي حيث تقوم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والهيئة الطبية الدولية والهلال الأحمر القطري وتجمع أطباء العرب بالإضافة إلى ائتلاف الجمعيات الإسلامية بتغطية حالات الاستشفاء الطارئة.
بدورها، تقوم وزارة التربية حالياً، بتسهيل دخول الطلاب إلى المدارس الرسمية وقد بلغ عدد الطلاب المسجلين حوالى 18000 طالب. تقوم وزارة التربية والمفوضية واليونيسيف بتغطية الأقساط المدرسية والمواد التعليمية لهؤلاء الطلاب من خلال شركائهم المحليين. وتقوم وزارة الشؤون ومنظمة إنقاذ الطفولة وشركاء آخرون بعملية إبلاغ الأهالي وإيصال المعلومات لتسهيل التسجيل بالتنسيق مع وزارة التربية مركزياً ومحلياً. تعطى الدروس وفق المنهاج اللبناني فقط وتؤمن وزارة التربية والمنظمات دروس تقوية خاصة للطلاب السوريين، مع العلم أن بعض الجمعيات والمدارس الخاصة تعتمد المنهاج السوري للطلاب السوريين وهو أمر غير معترف به من وزارة التربية والدولة.
الغذاء
تشير الورقة إلى أن برنامج الغذاء العالمي هو من يتولى حالياً الإشراف والتنسيق في كل ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية الغذائية. ويقوم برنامج الغداء العالمي بتوزيع المساعدات الغذائية في الشمال والبقاع في شكل خاص من خلال شركائه التنفيذيين المجلس الدنماركي للاجئين ومنظمة الرؤية العالمية. وتقدم المساعدات الغذائية للأسر المسجلة لدى الأمم المتحدة بواسطة «قسائم غذائية» توزع على النازحين بقيمة 25$ للقسيمة تمكنهم من شراء ما يحتاجونه من بعض مراكز البيع المعتمدة.

الإيواء
تقوم وزارة الشؤون حالياً بتنسيق موضوع الإيواء بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ووزارة التربية والهيئات الأهلية في المناطق. وهناك صعوبة كبيرة في إيجاد مراكز للإيواء (باستثناء مدارس وزارة التربية المقفلة) وارتفاع حاد بأسعار الإيجارات في مختلف المناطق. تقوم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من خلال المجلس الدنماركي للاجئين بعمليات تأهيل بسيطة لمراكز الإيواء لتصبح مؤهلة لاستقبال الأسر. هناك حالياً 9 مراكز إيواء (collective shelters) في البقاع (مدارس رسمية خاصة) و 8 مراكز في عكار (مدارس رسمية خاصة) ومركزان خاصان في طرابلس. ويتم العمل على تحديد مراكز أخرى.
كما يتم تأمين البيوت الجاهزة (Shelter Box) من جانب المفوضية من خلال المجلس الدنماركي للاجئين وترميم عدد كبير من بيوت الأسر المضيفة في مناطق عكار، عرسال، سعدنايل وغيرها من جانب المجلس النروجي للاجئين.
ووفق الدراسة، يتم التحضير لفصل الشتاء (على رغم أن نصف هذا الفصل قد قارب على الانتهاء) لتأمين البطانيات وأجهزة التدفئة كما وتجهيز المباني والبيوت المستضيفة لاستقبال فصل الشتاء ويتم الاعتماد على الشركاء الدوليين في شكل خاص في هذا الموضوع نظراً لعدم توافر التمويل لدى الدولة حالياً.

الشق الاجتماعي
تركز وزارة الشؤون على موضوع حماية الأطفال والنساء والمعوقين وكيفية تحديد الحالات المعرضة للخطر ومتابعتها. تقدم الوزارة متابعة نفس اجتماعية (بخاصة صحة عقلية) في مراكزها في وادي خالد، ساحة النجمة (طرابلس)، بعلبك، الهرمل والقصر وذلك من خلال فريق عمل مختص من الهيئة الطبية الدولية.
كما يتم العمل على تفعيل دور مراكز الخدمات من خلال تعزيز الأنشطة فيها للوصول إلى أكبر عدد من المجتمعات النازحة كما المجتمعات المضيفة التي هي بوضع اجتماعي واقتصادي صعب. بدأ العمل من منطقة وادي خالد وسيتوسع إلى مناطق أخرى في لبنان وفق الحاجة وتواجد النازحين. سيتم توسيع العمل في مراكز الخدمات بحسب توافر الدعم المادي.
وستقوم وزارة الشؤون باعتماد 40 مركزاً للخدمات الإنمائية في كل لبنان كمراكز استجابة أساسية في حالات الطوارئ وسيتم تجهيزها من الناحية الطبية والاجتماعية بحسب توافر الإمكانات المادية. كما سيتم تعزيز فريق عمل الوزارة بخبرات خارجية لتحسين نوعية التدخلات. كما ستقوم وزارة الصحة العامة باعتماد 41 مركزاً للرعاية الصحية الأولية.
وتحدد الدراسة المشاكل الأساسية التي تعترض الدولة على النحو الآتي:
– عدم توافر أماكن إيواء فوري لاستقبال النازحين حتى لو بشكل موقت بخاصة الوافدين الجدد على رغم تحديد عدد غير كافٍ من المدارس الرسمية المقفلة الصالحة للاستعمال. عدم توافر أماكن إضافية للإيجار. يتم حالياً البحث في خيارات خارج منطقتي البقاع والشمال وفي خيار البيوت الجاهزة علماً أن البحث في موضوع المخيمات غير وارد حالياً.
– حاجة ماسة للمساعدات في القطاع الصحي، خصوصاً مع عدم توافر الأدوية الكافية لدى وزارتي الشؤون والصحة لتغطية المجتمعين السوري واللبناني. كذلك غياب التغطية للحالات الطبية المستعصية بخاصة مرضى السرطان؛ إلى جانب غياب أي تغطية مادية من جانب الدولة لحالات الاستشفاء باستثناء بعض الحالات المعدودة التي قامت وزارة الصحة العامة بتغطيتها. وتقوم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والهلال الأحمر القطري، اتحاد أطباء العرب وائتلاف الجمعيات الإسلامية بتغطية الجزء الأكبر من الحالات. يُضاف عدم جاهزية المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية من ناحية البنى التحتية للاستجابة بشكل جيد للحاجات المستجدة. والحاجة كبيرة لتدعيم البنى التحتية والمعدّات الطبية.
– ارتفاع عدد الأطفال في الشارع وعدم توافر أماكن إيواء كافية لدى الدولة والمؤسسات المتعاقدة مع وزارة الشؤون لاستقبال حالات الأطفال المعرضين للخطر. ضرورة إنشاء مأوى خاص تديره الدولة لاستقبال ورعاية هذه الحالات وبعض حالات الفئات الأخرى من المسنّين والنساء والأسر المشردة.
وأعلنت الحكومة اللبنانية في خطتها أنها قامت حتى اليوم ومن خلال الهيئة العليا للإغاثة بصرف مبلغ 8 بلايين ليرة لبنانية على عملية الإغاثة، 80 في المئة منها لتغطية المصاريف الطبية وتوزع القسم الآخر على المساعدات الإنسانية الغذائية وغير الغذائية ومراكز الإيواء.

معايير تحديد النازح

حددت الحكومة المعايير التي يتم على أساسها تحديد من هو النازح على أساس المعايير المعتمدة من المفوضية العليا للاجئين، وهي:
المواطنون السوريون أو مكتومو القيد المقيمون في سورية والذين لا يتمكنون من العودة أو غير راغبين بالعودة للأسباب الآتية:
– الأحداث في منطقتهم أخلّت بشكل خطير بالنظام العام، أو
– خوف مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب تتعلق بالرأي السياسي، الدين، العرق أو الجنسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة.
كما رأت الحكومة اللبنانية أنه يمكن أن يعتبر الشخص مؤهلاً (نازحاً) إذا أتى من منطقة متضررة مباشرة من الاضطرابات: حمص، حماة، إدلب، درعا، دمشق، ريف دمشق، ودير الزور… المحافظات والقرى المحيطة بها، ووصل في أو بعد آذار( مارس) 2011.
ويتم اعتبار الشخص غير مؤهل إذا عاد إلى سورية بشكل متكرر أو لفترات زمنية ممتدة، أو وصل قبل آذار 2011، أو يأتي من أي بلدة أو قرية لم تتأثر مباشرة بالاضطرابات منذ آذار 2011، أو ليست لديه وثائق.
لكن من الممكن اعتبار هؤلاء الأشخاص مؤهلين إذا توافرت لديهم أدلة موثوقة على أن هناك إمكانية جدية بأن يتعرضوا للخطر في سورية في حال عودتهم وأنهم معرضون للخطر في لبنان.
كما أن غير المدنيين (المقاتلين)، وأن المشاركين في أي أنشطة مسلحة (بما في ذلك تهريب السلاح)، وغير السوريين يعدّون غير مؤهلين.

*نشر في جريدة الحياة

الزواج المدني على مقصلة “الأديان”

لم يترك رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان هذه الفرصة تمرّ من دون أن يُعلّق عليها. الزواج المدني، يستهدف جمهوراً شبابياً، يرغب في الخروج من زواريب المذهبية في هذا البلد. أرقام السفارة القبرصيّة، تشير إلى وجود أعداد ليست قليلة ممن يقدمون على السفر إلى الجزيرة للزواج مدنياً.هكذا، بعد أيّامٍ على إعلان شابين لبنانيين الزواج مدنياً في لبنان استناداً إلى قانون فرنسي، لم يصدر قانون يلغي مفعوله، أعلن سليمان عبر التويتر والفايسبوك تأييده هذه الخطوة، كاتباً: “يجب أن نعمل على قوننة عقد الزواج المدني. فهي خطوة من خطوات إلغاء الطائفية وتعزيز العيش المشترك”.

عبارة سليمان كانت كفيلة بفتح نقاشٍ حول قانون الزواج المدني. نقاش لا يبدو أن الجميع جاهز له، بل إن طرح سليمان كان مفاجئاً للسياسيين ورجال الدين والناشطين المدنيين على السواء. وقد سبقه عليه الرئيس الراحل الياس الهراوي، الذي ضغط على مجلس الوزراء لإقرار مشروع قانون، رفض آنذاك الراحل رفيق الحريري إحالته على مجلس النواب، ليموت في درج رئاسة مجلس الوزراء. (الضغط من المفتي كان كبيراً، وهُدد رفيق الحريري يومها).

لا يختلف واقع الحال اليوم، عن الأمس. إذ لا يتوقع أحد المقربين من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، موافقته على مشروع كهذا مشيراً إلى أن معرفته الشديدة به تسمح له بقول هذا “إذ إن ميقاتي بغنى عن إشعال الإسلاميين أكثر”، لكنه يشير إلى أنه لم يناقش الأمر مع ميقاتي.
هذا ما يكرره عدد من مستشاري رئيس الحكومة، “الملف جديد ولم يجر نقاشه سابقاً، بانتظار عودة ميقاتي من السعودية”. لكن مقربا آخر من ميقاتي يقول بوضوح: “ما لم يقدر عليه رفيق الحريري يوم كان في عزّ قوته، لن يستطيع ميقاتي القيام به، وهو يستعين بالعكاز لابقاء حكومته واقفة”.

في ذلك الحين، تحالفت المرجعيات الدينية في رفض هذا الاقتراح. اليوم هناك خرق في هذا الاجماع يمثّله البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي أعلن تأييده، لقانون مدني للأحوال الشخصية. في الوقت عينه، فإن رئيس مجلس النواب، جاهر بتأييده لقانون كهذا، وهو وعد وفداً من شبابياً من جمعية “شمل” في آذار ٢٠١١ بأن يُحيل اقتراحهم إلى اللجان المشتركة، وقد فعل هذا، إذ تقول أوغاريت يونان، أن المشروع المقدم حينها وضع في أسفل جدول الأعمال، واليوم لم يعد أمامه إلا عددا قليلا من المشاريع لذلك لا بد من دراسته قريباً.

موقف سليمان، ترافق مع تأييد مشترك من وزيري العدل والداخلية لموضوع الزواج المدني، رغم رفض هيئة الاستشارات في وزارة العدل الموافقة على زواج خلود سكرية ونضال درويش الذي جرى في لبنان. يُبرر وزير الداخليّة الأمر بأن لا وجود لقانون لبناني ينظم عملية الزواج، لذلك هو طالب بإقرار قانون كهذا .

لكن موقف المرجعيتين الاسلاميتين الشيعية والسنية لا يزال على حاله. وهو كفيل بتكبيل أي مشروع جديد. إذ يؤكّد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى لا يزال رافضاً، لأن الأمر شرعي وليس سياسيا. موقف مدير عام الاوقاف الاسلامية الشيخ هشام خليفة مشابه أيضاً، هو يؤكّد أن الأمر مرفوض شرعاً وأنه خطر. يضيف: البحث يجب أن يكون هادئاً، والقوانين تسمح لمن يريد الزواج في قبرص. يقول: الموضوع ينقسم إلى شقين: الأول مدى تعارض القانون مع الدستور اللبناني وحقوق الطوائف، والثاني هو مشكلة بعض اللبنانيين، التي يجب بحثها بهدوء ومن دون تحد. ويلفت إلى أن طرح القانون المدني مجدداً سيواجه بحملة من المسلمين ورجال الدين والمحاكم الشرعية، “لأن الأصل هو الزواج الشرعي وهو بسيط جداً”.

سياسياً أيضاً، جدد النائب وليد جنبلاط تأييده للزواج المدني، فيما قال النائب في كتلة المستقبل عمار حوري أن لا موقف لكتلته من هذا الطرح، وأنها ستعيد نقاش الأمر عند طرح مشروع القانون على اللجان المشتركة. أما التيار الوطني الحرّ فيعلن على لسان النائب نبيل نقولا تأييده للزواج المدني.

شمل” متمسكة بمشروعها

في موازاة النقاش السياسي، الذي ليس من السهل اكتشاف الموقف الصادق من الموقف المعد للاستهلاك؛ فإن جمعية “شمل” وحلفاءها من جمعيات مدنية وشخصيات مستمرون في موقفهم الداعم لمشروع الذي قدم في آذار ٢٠١١ إلى مجلس النواب  (http://lkdg.org/ar/node/5230). وتقول أوغاريت يونان إن الخطوة التي قام بها خلود ونضال تُعد خطوة مهمة في إطار رفض القبول بالنظام الطائفي؛ وجريئة تساهم بتحريك النقاش حول الزواج المدني.
لكن يونان، تشير إلى أنها لم تعرف بعد على أي نص قانوني سيستند هذا الزواج، بالمعنى التنفيذي وليس الحق بعقد الزواج. لذلك هي تتفهم موقف وزير الداخلية مروان شربل. كما أنها تؤكّد أن حق الزواج المدني يجب أن يكون مكفولاً من دون شرط شطب المذهب عن الهوية، ويضمنه قانون لبناني.
وتقول يونان إن رئيس الجهورية ميشال سليمان أكّد منذ أن التقته “شمل” للمرة الأولى تأييده للزواج المدني، “لكن لم تهتم وسائل الاعلام بتصريحه حينها”. وتشير إلى أنه طلب من الشباب حينها أن “يولّعها” على وسائل التواصل الحديثة لأن هذا حق لهم؛ من هنا لم تتفاجأ يونان، ولا أعضاء شمل، كما يقول طوني داوود من تصريح سليمان.
ويقول داوود إن موقف سليمان يحظى بدعم شعبي، لكن لا سلطات فعلية للرئيس. ويؤكّد أن الحملة مستمرة بالضغط الذي بات يُثمر تغييراً إيجابياً لدى الرأي العام. وتضم الحملة الوطنية لإقرار قانون مدني للأحوال الشخصية عشرات الجمعيات والناشطين، منها الجمعية الوطنية لديمقراطية الانتخابات، ونسوية، وحزب البيئة وحزب الخضر وعدد من الجمعيات النسائية والشبابية، لكن الدور الأساسي هو لشمل.

 نشر في الأعداد التجريبية من جريدة المدن الالكترونية ♦

ملف الموقوفين كاد ان يفجر طرابلس

Image 

توالت اتصالات الاطمئنان على الوزير فيصل كرامي. فموكبه تعرّض لإطلاق نار وجرح أربعة من مرافقيه. اطلاق النار تحول إلى محاولة اغتيال، بحسب عدد من وسائل الاعلام. اتهم السلفيون بمحاولة الاغتيال هذه، لأنهم يقيمون اعتصاماً في ساحة عبد الحميد كرامي للمطالبة بحل قضية الموقوفين الاسلاميين.

مرت الدقائق، واتصالات التهنئة تتزايد. رئيس الجمهورية اطمأن وكذلك رئيس مجلس النواب، والرئيس فؤاد السنيورة، أما رئيس الحكومة فلم يكتف بالاطمئنان وحسب، بل دعا مجلس الامن الفرعي للانعقاد. قال كرامي أنه تعرض لمحاولة إغتيال، ثم قال بعد دقائق أنه لم يتعرض لها. بيان مكتبه الاعلامي لا يشير إلى محاولة اغتيال. الرئيس عمر كرامي حمد الله على سلامة نجله وقال إن الحادث غلطة، وأنه لن يتهم أحداً. وعُلم أن وفداً من المشايخ السلفيين زار كرامي بعد الحادث بساعتين لتبادل المعلومات وتوضيح الامور وإعادة العلاقة إلى طبيعتها بين الجانبين.

بعد ساعتين من الحادث يُعلن عن وفاة أحد الجرحى. إنه سلفيٌ. كذلك ثلاثة من الجرحى. يُعلن السلفيون الانسحاب من الشارع، وبحسب الشيخ نبيل رحيم: “ننسحب حتى لا تتطور الامور سلبا، خصوصاً إذا حاول بعض الشباب الانتقام للشاب المتوفي”، وقد تبيّن أن الشاب لم يتوفى بل في حالة خطرة. ويضيف الشيخ إن موكب يضم حسام الصباغ وسعد المصري وزياد علوكة وآخرين من مسؤولي المجموعات في باب التبانة قد تعرض لاطلاق نار من طرف ثالث.

الروايتان تتفقان عند نقطة واحدة: هناك من أطلق النار. هل هو طرف ثالث؟ لا أحد يُقدم معلومة مثبتة. الأكيد أنه منذ الاعلان عن الاعتصام وإقامة صلاة الجمعة في ساحة عبد الحميد كرامي للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين، وهناك من يرمي قنابل على شارع سوريا. هناك من سعى لإعادة تحريك جبهة جبل محسن ــ باب التبانة.

قبل بدء الاعتصام، كان الاسلاميون يأكدون على سلمية تحركهم. قبل ذلك بأسبوعين، دعوا إلى لقاء في نادي الصحافة لشرح قضيتهم. لم تقم وسائل الاعلام بتغطية هذا اللقاء. ربح الجناح القائل بأن لا أحد يهتم للإسلاميين ولقضيتهم إلا إذا عادوا إلى الشارع. العديد من المشايخ كان يريد الهروب من لعبة الشارع. أرادوا حلاً قضائياً لقضية محقة.

في الاعتصام قال الشيخ سالم الرافعي الكثير عن الظلم الذين يتعرضون له. تحدّث عن عمليات التوقيف وعن تراخي القضاء وعن عدم التعويض عن الاضرار التي نتجت عن الاشتباكات. قال إن السبب هو عدم إلتحاق الاسلاميين بالمحور الايراني-السوري، وعن تقديم هذا الملف لارضاء الاميركيين. ودافع الرافعي عن حسام الصباغ الذي تقول وسائل إعلامية أنه جزء من تنظيم ويتولى إرسال المقاتلين إلى سوريا، وهو ما ينفيه الاسلاميون. وقال إن الاسلاميين يريدون شراكة حقيقية في الوطن قائمة على العدل والانصاف ويمدون أيديهم للجميع، “لكن إذا استمروا في سياسة التفقير وزج شبابنا في السجن فسنعلنها انتفاضة شعبية”.

في المبدأ يُكرر الاسلاميون مظلوميتهم. يشرحون ملف الموقوفين كالتالي: أوقف هؤلاء منذ العام ٢٠٠٧، أي منذ ست سنوات، ما يعني سبع سنوات سجنيّة. لم توجه لهم رسمياً حتى اللحظة أي تهمة، حتى القرار الاتهامي الذي نشر في الصحف لم يبلغ به الموقوفين ومحاميهم بشكل رسمي. نصف الموقوفين البالغ عددهم أكثر من ١٤٠ موقوف متهمين بالاتصال بمقاتلي فتح الاسلام. لا القتال ولا دعم مقاتلي الجيش اللبناني. بالتالي فإن أي حكم سيصدر بحقهم سيكون حكماً أقل بكثير من سنوات السجن التي قضوها. يُضيف الاسلاميون إن المشكلة بحسب القضاء كانت عدم وجود قاعة للمحاكمات تتسع لعدد الموقوفين، فبنيت قاعة في سجن رومية افتتحت منذ أكثر من أربعة أشهر ولم يجر أي شيء. رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أبلغ عدد من أهالي الموقوفين أن رئيس مجلس القضاء الأعلى الجديد، يريد الاطلاع من جديد على الملفات، وكميتها كبيرة جداً، ما يعني تأجيل إضافي للقضية.

الاعتصام في ساحة عبد الحميد كرامي كان يُطالب بحرية هؤلاء. عدم حلّ هذه المشكلة فتح الباب أمام الحادث الذي جرى مع الوزير فيصل كرامي. عدم حلّ القضايا المحقة والاستمرار في ظلم الموقوفين والتعاطي الأمني مع هكذا ملفات لا يحمل أبدا الخير لمدينة طرابلس، الذي يبدو أن هناك الكثيرون لا يريدون لها إلا أن تبقى ساحة اشتباك.

 

نشر هذا المقال في الأعداد التجريبية لجريدة المدن الاكترونية ♦ 

 

جنبلاط يُحيي قانون فؤاد بطرس

 

يتنقل النواب اللبنانيون بين الفندق وغرف مجلس النواب لتقرير مصير البلد عبر اختيار قانون انتخاب جديد. هذا ما يُمكن أن يخرج به أي متابع لوسائل الإعلام اللبنانيّة. تصريحات وتصريحات متبادلة من نواب الامة يشعر معها المواطن أن الحياة دبّت مجدداً في هذا الجسم المتوفي سريرياً، والمدعو زوراً مجلس نواب.

يدور النقاش حول قوانين انتخابيّة لا يُمكن أن تقدّم للبلد أي تشكيلة سياسيّة جديدة، ولا تسمح ببلورة مشروع مقبول للمواطن. لكنه نقاش أساسه وضع اللبنة الأساسيّة لانتخاب رئيس الجمهوريّة المقبل. من هنا، يُمكن استخلاص من المشاريع المقدمة، وأسوأها على الاطلاق المشروع الارثوذكسي، ان معركة رئيس الجمهورية المقبل تخاض عبر القانون الانتخابي المختار؛ والقوانين المطروحة حاليا تمهد لانتخاب ميشال عون أو سمير جعجع.

طيب، إذا كان الصراع يدور حول انتخاب رئيس للجمهورية، فكيف يُمكن للطرفين المسيحيين الأقوى، أي عون وجعجع أن يتفقا على قانون واحد؟ التفسير الوحيد المنطقي، هو لعبة الشحن المذهبي، وهي لعبة جاراهم بها حزب الله، “لأن أصل المشروع سوري بما أن من طرحه هو إيلي الفرزلي” على حد قول أحد دهاة السياسة اللبنانيّة.

لكن هذا التجييش للقانون الارثوذكسي لا يملك فرصاً جديّة للنجاح، بسبب وجود تحالف غير معلن يرفض هذا القانون حفاظاً على مصالحه. يتألف هذا التحالف من الرؤساء ميشال سليمان، نبيه بري ونجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط، ويساندهم بشكلٍ غير علني البطريرك بشارة الراعي، كذلك هي حال النائب سليمان فرنجية.

قد يكون وليد جنبلاط الوحيد في هذا التحالف من يملك الجرأة على خوض هذه المعركة علناً. لكن لكلّ واحد في هذا الحلف أسبابه. سليمان يرى أن هذا القانون ينهي أي فرصة لتمديد ولايته، كما يلغي أي إمكانية وصول أي من المقربين منه إلى ساحة النجمة؛ لذلك أعلن قبل بحثه في مجلس النواب أنه غير دستوري، ممهداً الباب لتقديم طعن بدستوريته أمام المجلس الدستوري، ومؤمناً الغطاء الدستوري لمن يرفضه. بري، لا يتخيّل اللحظة التي يجلس فيها عون أو جعجع في بعبدا. الأول خاض ضده الكثير من المعارك منذ موقعة جزين في انتخابات ٢٠٠٩، أمّا الثاني فلا داعي لشرح الخلاف معه، كما أن القانون الارثوذكسي يضعف كتلته النيابية. أمّا ميقاتي فيدرك أن حظوظه مع عون وجعجع لتولي رئاسة الحكومة تقارب الصفر، ومعركة جنبلاط مع المرشحين الرئاسيين علنيّة إضافة إلى أن القانون المطروح يضعف كتلته ويحصرها بالدروز. أمّا سليمان فرنجية فقد أعلن نفسه مرشحاً يوم سمّى نجله طوني للنيابة، ويذوب بالكامل انتخابياً. بدوره يدرك الراعي أن هذا القانون يُمهّد لإعادة النظر بالمناصفة وهي ما تبقى للمسيحيين. إلى جانب هؤلاء يُعارض تيار المستقبل القانون لكنه يتبنى ترشيح سمير جعجع، أو كما يقول أحد حلفاء المستقبل، بأن التيار الأزرق بات منضوياً تحت قيادة القوات.

قد يكون جنبلاط وسليمان الوحيدان اللذان يخوضان المعركة ضد الارثوذكسي علناً. لكن الراعي حرم هذا المشروع من تأييد مجلس المطارنة، وبري لم يمنحه موافقته بعد ولا دعمه، أما ميقاتي وفرنجية فإنهما يبعدان أنفسهما عن المعركة.

رفض الأرثوذكسي لا يعني السير بقانون الستين كما هو. يُدرك وليد جنبلاط أمرين: حزب الله يرفض الستين ولن يقبل به، وميقاتي لن يفوز مجدداً إلا اذا كان القانون نسبياً. القانون الذي قد يكون مناسباً لهذا الموقف هو قانون فؤاد بطرس مع إدخال تعديلات بسيطة. منذ أيام سمّاه الراعي كخيار، واليوم يتبناه جنبلاط كمخرج للجميع، يسمح بإبقاء التوازن السياسي بين تيار المستقبل وحزب الله، فلا يحكم طرف لوحده من دون غطاء بري ــ ميقاتي ــ جنبلاط، وتبقى البلاد في حالة من الجمود لكنها لا تدخل الحرب الدائرة في سوريا، ويمكن لميقاتي أن ينجح ولسليمان أن يؤلف كتلة من عدد قليل من النواب.

 

 

مشاهدات من ثورة فقراء ريف حلب

في اللحظة التي تطأ فيها قدم الزائر الريف السوري، يكتشف أنه دخل مكاناً مختلفاً عن ذلك الذي كان في ذهنه. في العقل صورةٌ عن الفقر. وفي العقل صورة عن الاضطهاد والظلم، وصورة عن الإصرار. لكن الصورة التي يُمكن رؤيتها فعلاً، تتجاوز كلّ التخيلات.
لون الأرض أحمر. الجواب حاضر: لا يوجد مياه لري الأرض. هذا ما يقوله أبناء ريف حلب. وهذا ما يمنعهم من العمل في أرضهم، فيتحولون عمالاً يوميين داخل سوريا وخارجها. وبحسب الأرقام الرسمية السورية الصادرة عن غرفة الصناعة في حلب، فإن 221 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في حلب مروية من أصل مليون و228 الف هكتار من الأراضي
الصالحة للزراعة، وهي ليست كلها مزروعة. وليس كل المروي مزروع. متابعة القراءة “مشاهدات من ثورة فقراء ريف حلب”