المرشد لا يمزح. سكوته ليس علامة ضعف. لكن “ولدنة” بعض الرعايا أحيانا، تدفعه “لتربيتهم” كل حين. الرعايا مغلوب على أمرهم. كل حين، يتوهم أحدهم أنه سمع صوت باب يفتح، وأن الخروج الى الشمس بات قريبا. يلحقه البقية. لكن المرشد ذكي. في كل مرة يختبر ولاء الرعايا، واذا اضطر يرفع سوطه. ألم يسمع أنصاره يدعونه لجلد الرعايا! قد يكون الجلد قاسيا أحيانا؛ اسألوا هاشم أو سمير.
المرشد لا يمزح. أراه غاضبا. كيف تجرأ فلان وفكّر؟ كيف تجرأ آخر على النقاش؟ على الاعتراض؟ هذه مصطلحات تزعج المرشد. معه حق؛ تعود على عبارات الطاعة والولاء. “سمعا وطاعة يا سيدي”، إنها العبارة الأقرب على قلبه. ألا تسمعونه يرددها كل مرة؟ يعلن الولاء لسيد مغيّب لينال ولاء الأحياء.
المرشد لا يمزح. هناك من أغضبه، وعليه أن يدفع الثمن. سيدفع ثمنا غاليا. إذا كان لديك شك يا صديقي اسأل الأيام الماضية. اسأل مضايا عن غضب المرشد. هناك من أغضب المرشد في لحظة حرجة. لا أحد يقترب من تمساح يخزن طعامه في النهر؛ تخيل لو أن هذا التمساح يدرك أنه سينتظر طويلا قبل اصطياد فريسة أخرى.
المرشد لا يمزح، فكيف إذا أغضبه أحدهم؟ ومن هو هذا الشخص؟ هو لا شيء. هو مهزوم آخر يرفض الاعتراف بهزيمته. أشبه بلاعب خط وسط، كسر ضلعه وقرر أن يستمر بقيادة وسط فريقه. كرة القدم تحتاج لكثير من الأمور، بينها قدرة عالية على التحمّل والتنفس. صاحب الضلع المكسور يؤذي نفسه وزملاءه. تخيل لو أن صاحب الضلع هو من أغضب المرشد.
المرشد لا يمزح. كلامكم عن دراهم ستفقد قيمتها وريالات ستتحول الى نفايات ورقية لا يعنيه. المرشد أعلى من الماديات. لا يهتم بالتفاصيل. سلامة الأمة أهم بكثير من بسمة طفل. لا تصدقني؟ أعرف ذلك، تذكر مضايا يا صديقي. إن خانتك الذاكرة فتذكر اليرموك. تجاوز الخوف وانظر شرقا؛ ستجد صورة لمستقبلك. أنت لا تصدقني. أعرف ذك. صدق المرشد يا عزيزي. ألم يقل مرة أنه تابع لجمهورية المرشدين؟ ألم يقل إنه عملته المفضلة ريال؟ ألم يقل إن حبه وعشقه يذهبان عميقا في الشرق؟ صدقه يا عزيزي.
المرشد لا يمزح. والمهرج مستمر بأدائه. المرشد يكره الضحك. والمهرج يلقي نكاته. المرشد غاضب، والمهرج يقفز على المسرح.
لا تتعب نفسك أخي؛ لن يضحك المرشد!
لا تحزن. أنا مهرج صامت. أصدقائي كلهم مهرجون. لا تحزن عزيزي. لست وحيدا. فلنضحك سويا ونشرب كأس المهرجين.. ولننتظر! لا بد أن يحمل هذا النهر أو ذاك بعض الأخبار الطيبة.