المفاوضات على الإنتخابات: مواويل كثيرة

مكانك راوح. هذا هو التوصيف الأدق للنقاش الانتخابي. لم تحصل أي اجتماعات الثلاث، بانتظار ما سيسفر عنه الإجتماع ليلاً علّه يحمل بعض الخروقات؛ عندما يلتقي الوزير السابق خليل الهراوي (ممثلاً رئيس الجمهورية) والوزير نقولا نحاس (ممثلاً رئيس الحكومة) مع ممثلي الحزب التقدمي الاشتراكي من جهة، وممثلي القوات اللبنانية من جهة أخرى في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين.

العمل يجري إذاً على حلّ عقبة “الاشتراكي” ــ “القوات”، بالرغم من أنها ليست العقبة الأساسيّة، بل العقبة هي بحسب فريق رئيس الجمهورية بين “تيّار المستقبل” والرئيس نبيه بري. تبدأ المشكلة كما بات معروفاً بالنسب بين الأكثري والنسبي في قانون الانتخاب، ولا تنتهي بتقسيمات الدوائر استناداً إلى القانون الأكثري، وتوزيع النواب بين أكثري ونسبي.

ويُشير أحد المعنيين بهذه المفاوضات أن الأمور التقنية، قد تكون أكثر صعوبة، وهي قد تفجّر أي قانون انتخابي مفترض. يتحدث الرجل عن آلية فرز الأصوات وعن الحد الأدنى المقبول للوائح في النسبية وغيرها من العناوين.

هذا الكلام يأتي من قبيل الإشارة إلى أن الاختلاف هو سياسي وليس تقنياً. حتى اللحظة لا يبدو أن هناك نيّة عند أي من الأطراف للوصول إلى تسوية سياسيّة مقبولة. فمن المسلّمات، بحسب العاملين على خطّ التفاوض، أن أي فريق لن يقبل بقانون يجعل منه خاسراً. لا أحد يذهب للشنق بإرادته. وهنا جوهر الأزمة، يشعر “تيّار المستقبل” بأن هناك من يُريد ذبحه.

جانب آخر من المشكلة، هو أن أي لعب في التوازن السياسي سيؤدي إلى مشكلة أمنية في البلد. وفي السنتين الماضيتين، تبيّن أن الكتلة الوسطيّة المؤلفة من النائب وليد جنبلاط والرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي، استطاعت تجنيب البلد الانزلاق إلى مستنقعات الدم؛ والكلام هنا دائماً بحسب أعضاء في لجنة التواصل هذه. يُشير أحد أعضاء اللجنة إلى أن أي قانون يمنع هذه الكتلة الوسطية من امتصاص حجم الانقسام السني ــ الشيعي، سيكون خطيراً على البلاد، من دون إعطاء تقييم إيجابي لحكومة ميقاتي التي فشلت في إدارة حياة الناس.

في التفاصيل المتبادلة حالياً، يبدو أن الحزب التقدمي الاشتراكي يقترب للقبول بالتقسيمات التي وضعتها الحكومة اللبنانية في مشروعها، أي 13 دائرة. كما يعتقد الاشتراكيون أن هذا الحلّ الأفضل لدوائر الأكثرية أيضاً. فيما تجنح القوات اللبنانية إلى دوائر أكثر صغراً في الجانب الأكثري. ولا يزال “التقدمي” مقتنعاً بالتقسيم الذي طرحه النائب أكرم شهيب بإسمه، أي ثلاثين في المئة على أساس النسبية، وسبعين في المئة على أساس الأكثري، وتُشير مصادر إلى أن الكلام عن 50 نائباً على أساس النسبية و68 على أساس الأكثري هو كمن يُفاوض في سوق الخضار.

أمّا “تيّار المستقبل”، فإنه يتخوّف من اعتماد القضاء كدائرة، بحيث يتم فصل البقاع الغربي عن راشيا، لذلك تطرح مصادره تسوية بين هذه الدائرة ودائرة مرجعيون حاصبيا. لكنه يبدو أكثر مرونة في موضوع النسب لجهة التوزيع بين الأكثري والنسبي.

من جهة رئيس الجمهورية، تقول مصادره إنه متمسك بمشروع الحكومة، وبرفضه لقانوني الستين والأرثوذكسي. لذلك، فإن ما يقوم به، هو تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، في سبيل إقرار قانون جديد متوافق عليه في الوقت اللازم لذلك. وتشير هذه المصادر إلى أن سليمان، لا يُحبّذ فكرة القانون المختلط لكنه سيقبل بها إن كانت حلاً للمعضلة التي يعيشها البلد.

باختصار، وبالرغم من كل الاجتماعات المراثونية التي تحصل سراً وعلانية، ومحاولات تذليل العقبات هنا وهناك، يحاول كل فريق أن يكسب نقطة على حساب آخر، وكل حزب يريد تفصيل القانون المناسب لحجمه ولمستقبله.

* نشر في جريدة المدن الإلكترونية

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: