شكراً محمد رشيد قباني

لا بد من توجيه شكر لمفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني. خرج قباني اليوم علينا من دار الفتوى، بفتوى “حرم كنسي” على الطريقة الاسلامية. ممنوع غسل ودفن والصلاة على أي مسؤول مسلم يوافق على الزواج المدني. التهديد ليس جديداً، سبق وسمعناه. مورس في السابق على مهدي عامل (حسن حمدان) عندما رفض رجال دين الصلاة عليه ودفنه لانه كافر.

علام الشكر إذاً. الموقف الطبيعي هو شن الحملة على قباني. ولكن، ألم يُدرك الرجل أن هذه الحملة ستُشن عليه؟ بلى أدرك. ألم يُدرك أن النقاش حول القانون سيبقى غير جدي ولن يتحوّل إلى واقع؟ بلى أدرك. لكنه أفتى وأراد المعركة لأسباب خاصة به، فها نحن نُعطيه إياها.

كان لا بد أن يُعلن قباني موقفاً إسلامياً صريحاً، لا يختلف عليه المسلمون، وربما المسيحيون، لنتذكر أننا غير مواطنين.

كان لا بد أن نسمع هذا الكلام الذي أرعبنا، لنُدرك أننا نحن معشر الذين خرجوا من أطر الطوائف، لا وجود لنا في هذا البلد.

كان لا بد من كلام شبيه بكلام قباني، ليستفيق من كان مقتنعا من بيننا بأن طريق الطوائف تبني بلداً.

استفقنا، وإن كان لوقت. طيب فلنراجع واقعنا. لا قانون مدني لأحوالنا الشخصيّة. نصنّف في سجلات دولتنا كأرقام في المذاهب. طريق الوظيفة العامة يمرّ حكماً بهوية المذهبيّة؛ وحتى الوظيفة في القطاع الخاص. وصل الأمر إلى الهجرة والعمل في الخارج، يتعاطى هذا الخارج معنا كأولاد المذاهب.

المعركة ليست مع رجال الدين. محمد رشيد قباني وبشارة الراعي وعبد الأمير قبلان ونعيم حسن، لا يُعلنون موقفاً خاصاً بهم كأفراد، بل يُمثلون مصالح فئة ينتمون لها.

أما نحن، المحلل دماؤنا بعد خروجنا من جحيم طوائفنا. فمن نتقاطع معهم في السياسة هنا أو هناك، هم خصوم لنا في القضايا الاجتماعية. هل سمعنا موقفاً من حزب الله أو القوات اللبنانية أو تيار المستقبل مؤيداً للزواج المدني؟ لن نسمع.

الحملة يُفترض أن توجه إلى مكان آخر. إلى رئيس الجمهورية الذي يستعين بموضوع الزواج المدني ليجمع حوله بعض الرأي العام. إلى رئيس حكومة لبنان، الذي يُعلن أن الموضوع ليس للنقاش. إلى مجلس النواب، الذي تحوي أدراجه مشروع قانون للأحوال الشخصية المدنية منذ أكثر من سنة ولا يسأل عنه أحداً. هل سأل عنه نواب الحزب السوري القومي الاجتماعي؟ هم علمانيون، ألا يقولون ذلك؟ هل سأل عنه إيلي ماروني قبل أن يتزوج مدنياً خارج لبنان؟ لا لم يفعل.

مفتي الجمهورية لا يُمثل اللبنانيين، بل يُمثّل مصالح رجال الدين ومن يؤيّده من طائفته. أما النواب والوزارء فهم يُمثلون مصالح اللبنانيين. هم من يجب أن يُطالبوا بقانون مدني للزواج ومدافن مدنية تسمح لأجساد أن ترتاح بعد أن تغادرها الحياة دون أن تضطر، هي ومن نحب أن يعودوا إلى طوائفهم.

شكرا  قباني لأنك ذكرتني بأنني ولن أدفن بلدي.. فماذا ستفعل الدولة اللبنانية بنا نحن معشر المتزوجين مدنياً.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: