ملف الموقوفين كاد ان يفجر طرابلس

Image 

توالت اتصالات الاطمئنان على الوزير فيصل كرامي. فموكبه تعرّض لإطلاق نار وجرح أربعة من مرافقيه. اطلاق النار تحول إلى محاولة اغتيال، بحسب عدد من وسائل الاعلام. اتهم السلفيون بمحاولة الاغتيال هذه، لأنهم يقيمون اعتصاماً في ساحة عبد الحميد كرامي للمطالبة بحل قضية الموقوفين الاسلاميين.

مرت الدقائق، واتصالات التهنئة تتزايد. رئيس الجمهورية اطمأن وكذلك رئيس مجلس النواب، والرئيس فؤاد السنيورة، أما رئيس الحكومة فلم يكتف بالاطمئنان وحسب، بل دعا مجلس الامن الفرعي للانعقاد. قال كرامي أنه تعرض لمحاولة إغتيال، ثم قال بعد دقائق أنه لم يتعرض لها. بيان مكتبه الاعلامي لا يشير إلى محاولة اغتيال. الرئيس عمر كرامي حمد الله على سلامة نجله وقال إن الحادث غلطة، وأنه لن يتهم أحداً. وعُلم أن وفداً من المشايخ السلفيين زار كرامي بعد الحادث بساعتين لتبادل المعلومات وتوضيح الامور وإعادة العلاقة إلى طبيعتها بين الجانبين.

بعد ساعتين من الحادث يُعلن عن وفاة أحد الجرحى. إنه سلفيٌ. كذلك ثلاثة من الجرحى. يُعلن السلفيون الانسحاب من الشارع، وبحسب الشيخ نبيل رحيم: “ننسحب حتى لا تتطور الامور سلبا، خصوصاً إذا حاول بعض الشباب الانتقام للشاب المتوفي”، وقد تبيّن أن الشاب لم يتوفى بل في حالة خطرة. ويضيف الشيخ إن موكب يضم حسام الصباغ وسعد المصري وزياد علوكة وآخرين من مسؤولي المجموعات في باب التبانة قد تعرض لاطلاق نار من طرف ثالث.

الروايتان تتفقان عند نقطة واحدة: هناك من أطلق النار. هل هو طرف ثالث؟ لا أحد يُقدم معلومة مثبتة. الأكيد أنه منذ الاعلان عن الاعتصام وإقامة صلاة الجمعة في ساحة عبد الحميد كرامي للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين، وهناك من يرمي قنابل على شارع سوريا. هناك من سعى لإعادة تحريك جبهة جبل محسن ــ باب التبانة.

قبل بدء الاعتصام، كان الاسلاميون يأكدون على سلمية تحركهم. قبل ذلك بأسبوعين، دعوا إلى لقاء في نادي الصحافة لشرح قضيتهم. لم تقم وسائل الاعلام بتغطية هذا اللقاء. ربح الجناح القائل بأن لا أحد يهتم للإسلاميين ولقضيتهم إلا إذا عادوا إلى الشارع. العديد من المشايخ كان يريد الهروب من لعبة الشارع. أرادوا حلاً قضائياً لقضية محقة.

في الاعتصام قال الشيخ سالم الرافعي الكثير عن الظلم الذين يتعرضون له. تحدّث عن عمليات التوقيف وعن تراخي القضاء وعن عدم التعويض عن الاضرار التي نتجت عن الاشتباكات. قال إن السبب هو عدم إلتحاق الاسلاميين بالمحور الايراني-السوري، وعن تقديم هذا الملف لارضاء الاميركيين. ودافع الرافعي عن حسام الصباغ الذي تقول وسائل إعلامية أنه جزء من تنظيم ويتولى إرسال المقاتلين إلى سوريا، وهو ما ينفيه الاسلاميون. وقال إن الاسلاميين يريدون شراكة حقيقية في الوطن قائمة على العدل والانصاف ويمدون أيديهم للجميع، “لكن إذا استمروا في سياسة التفقير وزج شبابنا في السجن فسنعلنها انتفاضة شعبية”.

في المبدأ يُكرر الاسلاميون مظلوميتهم. يشرحون ملف الموقوفين كالتالي: أوقف هؤلاء منذ العام ٢٠٠٧، أي منذ ست سنوات، ما يعني سبع سنوات سجنيّة. لم توجه لهم رسمياً حتى اللحظة أي تهمة، حتى القرار الاتهامي الذي نشر في الصحف لم يبلغ به الموقوفين ومحاميهم بشكل رسمي. نصف الموقوفين البالغ عددهم أكثر من ١٤٠ موقوف متهمين بالاتصال بمقاتلي فتح الاسلام. لا القتال ولا دعم مقاتلي الجيش اللبناني. بالتالي فإن أي حكم سيصدر بحقهم سيكون حكماً أقل بكثير من سنوات السجن التي قضوها. يُضيف الاسلاميون إن المشكلة بحسب القضاء كانت عدم وجود قاعة للمحاكمات تتسع لعدد الموقوفين، فبنيت قاعة في سجن رومية افتتحت منذ أكثر من أربعة أشهر ولم يجر أي شيء. رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أبلغ عدد من أهالي الموقوفين أن رئيس مجلس القضاء الأعلى الجديد، يريد الاطلاع من جديد على الملفات، وكميتها كبيرة جداً، ما يعني تأجيل إضافي للقضية.

الاعتصام في ساحة عبد الحميد كرامي كان يُطالب بحرية هؤلاء. عدم حلّ هذه المشكلة فتح الباب أمام الحادث الذي جرى مع الوزير فيصل كرامي. عدم حلّ القضايا المحقة والاستمرار في ظلم الموقوفين والتعاطي الأمني مع هكذا ملفات لا يحمل أبدا الخير لمدينة طرابلس، الذي يبدو أن هناك الكثيرون لا يريدون لها إلا أن تبقى ساحة اشتباك.

 

نشر هذا المقال في الأعداد التجريبية لجريدة المدن الاكترونية ♦ 

 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: